عجائب الآثار في التراجم والأخبار
عبد الرحمن الجبرتي

” ثم أنّ الطابور الذي تقدّم لقتال مراد بك انقسم على كيفيّة معلومة عندهم في الحرب، وتقارب من المتاريس بحيث صار محيطا بالعسكر من خلفه وامامه ودقّ طبوله، وأرسل بنادقه المتتالية والمدافع واشتدّ هبوب الريح، وانعقد الغبار، وأظلمت الدنيا من دخان البارود وغبار الرياح، وصمّت الأسماع من توالي الضرب، بحيث خيّل للنّاس أنّ الأرض تزلزلت والسماء عليها سقطت”. (ص 16، الجزء الرابع من ” عجائب الآثار في التراجم الأخبار”).

إنها السيرة العجيبة للأحداث كما سرٍدَت من وجهة نظر عربية، وهي مدهشة على نحو خاص على خلفية المفاهيم وكتب التاريخ الأوروبية اتي ألِفَها القارئ العبري. كان عبد الرحمن الجبرتي يبلغ من العمر 45 عاما عندما دخلت القوات الفرنسية إلى مصر في الفاتح من تموز 1798، فانكبّ يوثّق اللحظة التأسيسية في التاريخ الحديث، والتي يدّعي أنه قد قوّضت شرائع الخليقة. يصف الجبرتي الأحداث ونابليون بونابرت، الذي لم يتجاوز سنه حينها 29 عاما، بدون التحيز التأريخي الذي ينسِب لهذا القائد العسكريّ الفرنسي شدة بأسه ومكانته في التاريخ الأوروبي.

يعتبر عبد الرحمن الجبرتي (1753-1825) أول المؤرخين العرب في العصر الحديث، وأهم مؤرّخي تاريخ مصر الحديث، وقد كان والده عالما من أعلام الأزهر، وعلى قدر كبير من الثراء، وكان له باع طويل في أروقة الحكم في القاهرة وإسطنبول. لم يشغل عبد الرحمن الجبرتي منصباً رسمياً في القاهرة لكنّ شبكة علاقاته الواسعة بسبب المكانة الرفيعة لعائلته (ولا سيما مع شمس الدين الانور السادات الذي كان بمثابة معلّمه الروحي)، هذه الشبكة مكّنته من الوصول إلى المدوّنات في المكتبات وفي المختبرات وفي معهد الأبحاث الذي أقامه الفرنسيون في بيوت الباشوات المماليك الذين فرّوا من مصر بعد الاحتلال.

هذا الكتاب هو جزء من المؤلّف الثالث والأكبر من عجائب الآثار في التراجم والأخبار الذي انتهى الجبرتي من تأليفه في العام 1805-1806. تعتمد الترجمة العبرية على النسخة التي صدرت لأول مرة في القاهرة في العام 1897.

ترجمة: عمانوئيل كوبلفيتش | ترجمة الأبيات الشعرية: عيدان برير | تحرير الترجمة: اياد برغوثي ويوني مندل | تحرير لغوي: اميرة بنياميني-نفو | تحرير أكاديمي: تامي تسرفاتي | استشارة علمية: آفي روبين

 

لاقتناء الكتاب